الأحداث الأمنية الأخيرة في لبنان تهدد بتفجير ملف النازحين السوريين
[ad_1]
أثار مقتل منسق حزب “القوات اللبنانية” في منطقة جبيل (قضاء جبل لبنان) باسكال سليمان تساؤلات عدة حول موقف السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية، على وقع الرواية الرسمية للسلطات اللبنانية التي اتهمت “عصابة سورية” بالوقوف وراء الجريمة، مما استدعى خروج رسائل عدة غير مجهولة المصدر تتناول الوجود السوري في موازاة دعوات إلى مهل زمنية لمغادرتهم تحت التهديد والوعيد، وإن كانت صادرة عن أفراد ومجموعات صغيرة ولا تمثل مؤسسات رسمية أو بلديات.
والمثير للاستغراب تزامن حملة ممنهجة في كثير من المناطق تتضمن ملاحقات انتقامية واعتداءات عشوائية طاولت سوريين، بالتزامن مع مواكبة كثيفة لجيوش إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تستحضر فيديوهات قديمة، مما أثار بلبلة كبيرة وخشية من انزلاق الأوضاع نحو صدام واسع يتمدد بشكل كبير عبر المناطق اللبنانية كافة، إذ يتوزع السوريين في كل المدن الكبرى والبلدات.
عضو تكتل “الجمهورية القوية” البرلماني (يمثل حزب القوات اللبنانية) النائب جورج عقيص اعتبر أن تلك الدعوات والمنشورات التي وزعت هي من صناعة “غرفة سوداء” تسعى إلى نشر الفتن، ولا سيما أنها كانت تسعى بتوقيتها إلى حرف الأنظار عن الجهة المتورطة باغتيال باسكال سليمان، بخاصة أنها فشلت في إقناع اللبنانيين بالرواية الرسمية.
وأصدرت “القوات اللبنانية” بياناً عقب الأحداث المسجلة استنكرت فيه “التعديات الهمجية التي يتعرض لها بعض السوريين”، معتبرة أن “التصرفات التي نراها على بعض مواقع التواصل وبعض الممارسات التي نشهدها على الأرض مرفوضة من جهة، ومريبة في الشكل والمضمون والتوقيت من جهة أخرى”.
جهات استخبارية
رئيس المجلس البلدي في إحدى البلدات التي صدر باسم أهاليها بيان يتناول وجود السوريين (طلب عدم كشف اسمه)، أكد أن تلك الدعوات كانت مشبوهة ووزعتها جهات مجهولة بهدف تأجيج الصراعات في البلدات، متخوفاً من أن تكون تلك الجهات حظيت بتغطية من جهات أمنية رسمية، ولا سيما أنه لم يحدث توقيف أي من الأشخاص، وحتى هؤلاء الذين شاركوا في الاعتداءات.
ولفت إلى أن قضية تنظيم وجود اللاجئين السوريين وطنية وتستدعي خطة شاملة من الحكومة اللبنانية على أن تكون البلديات جزءاً منها، إلا أن كل تلك الجهود لن تنجح في حال بقيت الدولة غائبة عن ضبط الحدود اللبنانية – السورية، معتبراً أن “لبنان نجا خلال الساعات الماضية من خطط جهنمية هدفها صدام لبناني في مواجهة مليوني سوري”.
منتحلي صفة
بدوره أشار رئيس بلدية برج حمود مارديك بوغوصيان، إلى “مجموعة من الشبان دأبت على القيام بتحركات باسم أهالي وشباب برج حمود منها أعمال الشغب والتجوّل في المنطقة موجهة الإنذارات والتهديدات استهدفت بالافتراء والتحريض لبنانيين وسوريين، مدعيةً أنها تمثل المنطقة”، مناشداً “الأهالي والمقيمين ضبط النفس، والامتناع عن ردود الفعل إزاء حملات التحريض والشغب التي تستهدف الأبرياء والمناطق الآمنة”. وطالب بوغوصيان الأجهزة الأمنية العمل على كشف هويتهم ومعاقبتهم، لافتاً الى أن “دخول السوريين والأجانب إلى لبنان، وتنظيم إقامتهم وعملهم، هي من صلاحيات الأجهزة الرسمية في الدولة اللبنانية وخصوصاً الأمن العام والوزارات المعنية هذه الأوضاع ترعاها النصوص القانونية ولا يحق لأي كان انتحال صفة أو استعمال صلاحيات الدولة، وتجاوز القوانين والأنظمة”.
كبش فداء
من جانبه حذر الباحث في الشأن اللبناني في منظمة “هيومن رايتس ووتش” رمزي قيس من محاولة جعل اللاجئين السوريين “كبش فداء” بعد حادثة اغتيال سليمان، مؤكداً ضرورة أن يكون التحقيق في القضية شاملاً وشفافاً، ولافتاً إلى أن الحادثة تهدد بتأجيج العنف المستمر ضد السوريين “الذين يتعرضون منذ أعوام إلى ممارسات تمييزية شنيعة وانتهاكات لحقوقهم في لبنان”.
ولفت مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن إلى أن “جريمة شارك فيها سبعة سوريين كما تقول السلطات اللبنانية، لا تعني أن كل السوريين مدانون، إذ تقع جرائم مشابهة في العالم كله”، ومع ذلك اعتبر أن كثيراً من السياسيين اللبنانيين يحاولون التنصل من الأزمة الداخلية بإلقاء الاتهامات على السوريين.
الحل عبر لجنة حكومية
ولفت رئيس جمعية “لايف” الحقوقية المحامي نبيل الحلبي إلى أن الجهة التي ارتكبت جريمة اغتيال باسكال سليمان قد تكون استخدمت أشخاصاً سوريين في الجريمة، إلا أن هذا لا يعني تعميم التهمة على السوريين اللاجئين إلى لبنان، إذ كان بإمكان تلك الجهة أيضاً استخدام أشخاص من جنسيات أخرى.
وبرأيه فإن الجهة المتورطة في الجريمة كانت تحضر سيناريو متكاملاً، إذ أرادت توجيه رسالة قاسية للمعارضين في لبنان بجعلهم يصطدمون باللاجئين السوريين بهدف إغراق مناطقهم بالصراعات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبرأي الحلبي فإن الحل الوحيد الذي يمكن أن يعالج هذه المشكلة في لبنان يقضي بتشكيل لجنة حكومية مع المجتمع المدني والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين من أجل تصنيف الوجود السوري في لبنان، وغربلة هذا الوجود بين لاجئ معارض ومهاجر اقتصادي، وبين من أتى حديثاً من مناطق النظام، “وذلك بالتوازي مع خطة أمنية شاملة تحظى بشكل أكيد على دعم دولي تعمل على ضبط كل المنافذ الحدودية غير الشرعية”.
واستبعد قيام الأجهزة الحكومية بتنفيذ تلك الخطة داعياً الأحزاب السيادية إلى تشكيل لجان مع المجتمع المدني والبلديات لتقوم بذلك، فالأمر يخدم المتطلبات الأمنية والإنسانية على حد سواء.
استغلال وتجييش
في المقابل رفضت مصادر مقربة من “حزب الله” التعليق على حادثة اغتيال القيادي في حزب “القوات اللبنانية” باسكال سليمان قائلة إن “الرواية الرسمية للجيش اللبناني واضحة بشكل قاطع، وما يجري هو استغلال لجريمة جنائية للاستفادة منها سياسياً والتصويب من خلالها على الحزب”، واتهمت “القوات” بشن هجمات على اللاجئين السوريين في المناطق لاستنهاض الشارع المسيحي وتجييشه طائفياً لإيهام الرأي العام أنهم هم حماة المجتمع في وجه السوريين و”حزب الله”، نافية أن يكون هناك أي دور للحزب في الجريمة أو تأجيج الصراع في الشارع مع السوريين.
خطر على الكيان
وكشف وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين، عن وجود “خطة لإعادة النازحين السوريين بانتظار وضع الآلية لها”، مشيراً إلى أن المؤتمر الخاص باللاجئين السوريين الشهر المقبل “سيتضمن مطالب لبنان التي لن تقتصر على المساعدات المالية بل بالمطالبة بعودة النازحين، لما يمثلونه من خطر على الكيان اللبناني”.
وكشف شرف الدين المنتمي إلى الحزب الديمقراطي اللبناني الذي يتزعمه الوزير السابق طلال أرسلان، أن “الأمن في لبنان غير ممسوك وهناك 20 ألف مسلح داخل المخيمات يمكن استدعائهم في ساعة الصفر”، موضحاً أن “العبث بالأمن الوطني خط أحمر وما ظهر في الشارع على خلفية مقتل باسكال سليمان هو رد فعل طبيعي”.
ولفت إلى أن “وزارة المهجرين أعدت منذ سبتمبر/ أيلول 2021 خطة ومبادرات عدة لإعادة النازحين السوريين، إلا أنها لم تفعل بسبب غياب القرار السياسي وذلك رغم التحذيرات من التداعيات الأمنية والتحضيرات العسكرية داخل المخيمات”، معتبراً أن “هؤلاء المسلحين هم خطة رديفة لأميركا يتم تجهيزهم لاستخدمهم بهدف إعادة الاضطرابات في سوريا ومحاولة إضعاف النظام واستحداث حرب جديدة نقطة انطلاقها قد تكون من الشمال شرقي وايضاً هناك نقطة انطلاق أخرى من جنوب سوريا من الجولان إلى درعا”.
وبرأي وزير المهجرين فإن “جريمة اغتيال باسكال سليمان كانت حافزاً مباشراً للمسؤولين الأمنيين ليتنبهوا إلى خطورة التواجد السوري”، كاشفاً أنه طلب من وزير الداخلية بسام مولوي التحرك تجاه المعلومات الأمنية الخطيرة في المخيمات إلا أن الأخير لم يتجاوب حينها، على حد تعبير شرف الدين.
[ad_2]
Source link