سيناريوهات الردّ الإسرائيلي على عملية القدس, وهل غزة هي من ستدفع الثمن؟
على الرغم من أن اتجاهات الرد الإسرائيلي على عملية إطلاق النار في القدس المحتلة سيحدّدها المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن في اجتماعه الطارئ مساء اليوم السبت؛ فإنه يمكن رسم سيناريوهات لهذا الردّ استناداً إلى طابع موازين القوى داخل الحكومة، ووقع العملية على الجمهور الإسرائيلي، فضلاً عن المحددات التي تفرضها البيئة الدولية التي يفترض أن يراعيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
فنظراً للحضور الطاغي للأحزاب والحركات التي تمثل اليمين الديني المتطرف في الحكومة؛ فإن الردود على العملية ستأخذ بالاعتبار توجهات هذه الحركات إزاء الصراع مع الشعب الفلسطيني، لا سيما حركتي “المنعة اليهودية” بقيادة وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير، وحركة “الصهيونية الدينية” بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
فالحركتان تحديداً، اللتان تطالبان بحسم الصراع مع الشعب الفلسطيني في كل الساحات، وليس بإدارته، ستستغلان العملية في محاولة فرض أجندتهما المتعلقة بالصراع. فكل من سموتريتش وبن غفير سيعمل على دفع مخططاته لضم منطقة “ج”، التي تشكل أكثر من 60 بالمائة من مساحة الضفة الغربية، عملياً إلى إسرائيل، عبر إحداث طفرة على المشروع الاستيطاني، وتشريع العشرات من البؤر الاستيطانية التي دشنتها التشكيلات اليهودية من دون الحصول على إذن الحكومة والجيش.
ويشار إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية ذكرت، مطلع الأسبوع الماضي، أن سموتريتش أعد مخططاً لزيادة عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية إلى مليون، وبناء 18 ألف وحدة سكنية جديدة في المستوطنات.
وسيستغل سموتريتش تحديداً قرار نتنياهو منحه صلاحيات الإشراف على الإدارة المدنية المسؤولة عن الإشراف على الاستيطان اليهودي والبناء الفلسطيني في الضفة الغربية، في شنّ حملة تدمير واسعة تستهدف منازل الفلسطينيين في منطقة “ج”، بحجة أنها بنيت من دون إذن جيش الاحتلال.
وقد ينجح سموتريتش في دفع الحكومة إلى اتخاذ قرار بتدمير قرية “الخان الأحمر” الفلسطينية القريبة من القدس، والتي تجنبت الحكومات الإسرائيلية تدميرها خشية ردة فعل المجتمع الدولي. وستوفر العملية فرصاً لتسويغ مواصلة تدمير الوجود الفلسطيني في منطقة “مسافر يطا”، أقصى جنوبي الضفة الغربية، حيث إن جيش الاحتلال شرع منذ ستة أشهر في تدمير المنازل الفلسطينية هناك بحجة أنه يحتاج هذه المنطقة لتدشين قواعد تدريب لقواته.
وسيجد ممثلو اليمين الديني المتطرف في الحكومة دعماً من بعض قيادات “الليكود”، التي تشعر بخيبة أمل بعد استثنائها من الحصول على مواقع في الحكومة الجديدة، لتمرير قرار بضم رسمي لمناطق في الضفة الغربية، وليس ضماً فعلياً فقط. فالنائب عن “الليكود” داني دانون، الذي شغل سابقاً منصب ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة، يطالب بضم منطقة “غور الأردن” التي تشكل حوالي 28% من الضفة الغربية، إلى إسرائيل.
وفي المقابل، فإن بن غفير، الذي هاجمه متظاهرون يهود غاضبون الليلة الماضية، واتهموه بالتقصير في أداء مهامه، سيعمل على الدفع نحو إجراءات أمنية وعسكرية قمعية ضد الفلسطينيين.
فبن غفير، الذي سيحاول ترميم صورته أمام قواعده الانتخابية، سيدفع نحو تبني الحكومة مخططه الهادف إلى تغيير أوامر إطلاق النار، بحيث يمنح عناصر الشرطة وجنود الجيش حرية مطلقة في استهداف الفلسطينيين بحجة أنهم يمثلون مصادر تهديد، فضلاً عن عزم بن غفير على تمرير قانون في الكنيست يحصن الجنود وعناصر الشرطة الذين قتلوا فلسطينيين من الملاحقة القانونية.

