9 يونيو، 2025
فلسطين

لا فرص للوساطة المصرية: الوقت يخدم الاحتلال ويضاعف الخسائر في غزة

تبددت فرص التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية وعاد التصعيد إلى الواجهة، وهو ما يجعل من الصعب على مصر الاستمرار في الوساطة بالتزامن مع تمسك إسرائيل بالمضي قدما في خطتها لاغتيال قياديّي حركة الجهاد ومطالبة الفصائل بالتزام إسرائيلي واضح بالتوقف عن استهداف كبار العناصر المسلحة في الضفة وغزة.

وإلى حد الآن لا يزال الإسرائيليون في مزاج التصعيد من خلال تصفية قيادي آخر من الجهاد، ما يظهر أن قائمة أهدافهم طويلة، وأن الوقت يخدمهم خاصة أن لا خيار أمام الفصائل سوى اللجوء إلى إطلاق الصواريخ على مواقع إسرائيلية قريبة من غلاف غزة، وهو خيار بدأ يفقد تأثيره لدى الإسرائيليين.

ويرى مراقبون أن الوقت الذي كان يصب سابقا في صالح الفصائل الفلسطينية التي كانت تستثمر تخوّف الإسرائيليين من الصواريخ صار الآن عنصرا ضدها، فإسرائيل تستمر في الاغتيالات، وهي تعرف أن حركة الجهاد ليس لها خيار سوى انتظار نتائج التحرك المصري.

ولا تمتلك مصر أي ورقة للضغط على إسرائيل ودفْعها إلى التهدئة، بل على العكس هي تضغط على الفلسطينيين من أجل تسهيل التوصل إلى التهدئة لكونهم الطرف الأضعف.

ودعا وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا ومصر والأردن الخميس، على هامش اجتماع “ميونخ للسلام”، إلى وضع حد لأعمال العنف بين إسرائيل وفصائل مسلحة في غزة بعد ثلاثة أيام من تبادل إطلاق النار.

وأعرب وزراء الخارجية في بيان مشترك عن “قلقهم البالغ” إزاء التصعيد. وتابعوا “نحضّ على وقف فوري وشامل لإطلاق النار يضع حدا للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ولإطلاق الصواريخ عشوائيا على إسرائيل”، مشيدين بالجهود التي تبذلها مصر من أجل وقف القصف.

وقال وزير خارجية مصر سامح شكري إن جهود بلاده للتهدئة في غزة “مازالت لم تؤت ثمارها ونتائجها المرجوة”، داعيا إلى تدخل دولي لوقف “التصعيد الإسرائيلي”.

وحذر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي من أن “ما يجري في قطاع غزة خطير، وهو استمرار للتدهور الأمني ومرده فقدان الثقة بالعملية السلمية”، وفقا لتلفزيون “المملكة” (رسمي).

وأفاد مصدران متطابقان في الجهاد الإسلامي وحماس بأن مصر أجرت اتصالات مكثفة ومثمرة مع الحركتين “وأبلغتنا أنها أجرت اتصالات مع الجانب الإسرائيلي وطلبت وقفا فوريا لإطلاق النار والعودة إلى الهدوء. وإلى حد الآن لا يوجد اتفاق للتهدئة”.

وقال مصدر في الجهاد الإسلامي إن رئيس الدائرة السياسية في الجهاد محمد الهندي توجه إلى القاهرة للقاء مسؤولين في جهاز المخابرات العامة.

وصرّح مسؤول إسرائيلي فضل عدم كشف هويته بأن جهودا مصرية تبذل للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مضيفا “سنجري تقييما للأوضاع بناء على الأفعال على أرض الواقع وليس على البيانات”.

وتواصلت الغارات الجوية الخميس على قطاع غزة الذي انطلقت منه دفعة جديدة من الصواريخ، بعد استهداف قيادي خامس في حركة الجهاد الإسلامي.

وقتل ستة فلسطينيين الخميس في غارات جوية على غزة، بحسب وزارة الصحة في القطاع، من بينهم قياديان في الجهاد الإسلامي.

وارتفعت بذلك حصيلة القتلى في التصعيد الذي بدأ الثلاثاء، وهو الأعنف منذ أغسطس 2022، إلى 28 قتيلا في الجانب الفلسطيني، من بينهم أطفال.

وبعد ظهر الخميس أعلن الجيش الإسرائيلي عن عمليّة مشتركة مع جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) “استهدفت أحمد أبودقة الذي كان له دور كبير في إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل”.

وبحسب البيان فإن أبودقة “لعب دورًا مركزيًا في عمليات إطلاق الرشقات الصاروخية نحو إسرائيل”، وهو “نائب قائد القوة الصاروخية لمنظمة الجهاد الإسلامي علي غالي في قطاع غزة والذي استهدف في وقت سابق”.

ونعت سرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي أحمد أبودقة، وهو أحد قادتها.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في وقت سابق استهداف غالي، واصفا إياه بالمسؤول عن إدارة الوحدة الصاروخية في حركة الجهاد الإسلامي.

وبحسب الجيش الإسرائيلي تم إطلاق أكثر من 550 صاروخا من القطاع على الدولة العبرية دون التسبب في وقوع إصابات.

وأكد الجيش أنه من بين هذه الصواريخ تجاوز 440 صاروخا الحدود، بينما قامت منظومة القبة الحديدية باعتراض 154 صاروخا، في حين سقط خمسة صواريخ داخل القطاع.

وقال أحد مسؤولي الطوارئ في إسرائيل لراديو الجيش إن صاروخا أُطلق من قطاع غزة قتل شخصا في مدينة قريبة من تل أبيب الخميس.

وقالت خدمة نجمة داود الحمراء إن خمسة أشخاص آخرين على الأقل أصيبوا في الغارة التي استهدفت مبنى سكنيا من أربعة طوابق في رحوفوت.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلي (رسمية) أن دويّ انفجارات وصوت صافرات الإنذار سُمعا الخميس في مدينتي الرملة ورحوفوت القريبتين من تل أبيب.

وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو، خلال مؤتمر صحفي عقده في العاصمة البلجيكية بروكسل الخميس، إن “الصراع المتصاعد بين إسرائيل وفلسطين مصدر قلق للاتحاد الأوروبي”.

وأكد أنه “يتعين على إسرائيل اتخاذ الاحتياطات وجميع الإجراءات الممكنة لمنع وقوع إصابات بين المدنيين في عملياتها، والالتزام بالقانون الإنساني الدولي”.